يعاني قطاع التأمين العراقي العديد من المشاكل، بعضها ذات طابع تاريخي متوارث وبعضها الآخر نشأت في العقود الثلاثة الماضية. وقد كتب بعض الزملاء مقالات ودراسات عن هذه المشاكل. أود في هذه المقالة القصيرة تسليط الضوء على بعض المعوقات التي أدت الى ضعف قطاع التأمين في العراق، وعرض سريع لخطى الاصلاح.
إن من الصعب جداً تغيير فكر مجتمع (الأغلبية) نشأ على غياب عدة ثقافات من ضمنها ثقافة التأمين، اضافة الى صعوبة كسب ثقة هذه الأغلبية بشركات التأمين العراقية واقناعها أن التأمين أفضل وسيلة لحماية ممتلكاتها، وأن هناك جهة ضامنة قادرة على تحمل مجموعة كبيرة من الخسائر التي قد يتعرضون لها. أما إذا كان لابد من التغيير فسوف يحتاج ذلك الى جهود كبيرة وسنوات عدة تظهر نتائجها في الأجيال القادمة
في الوقت الحالي، أرى ان الحل لضعف هذا القطاع هو تشريع قانون للتأمين الالزامي. على سبيل المثال، ان محفظةالحريق تظهر مؤشراً سلبياً في أغلب ميزانيات شركات التأمين بسبب قلة أقساط التأمين التي تكون رمزية جداً مقابل حجم التعويضات المتحققة، مما أدى الى عزوف أغلب شركات التأمين عن اصدار وثيقة الحريق. عليه فإن الحل للتغلب على هذا الوضع (قلة أقساط التأمين من الحريق مقارنة بحجم التعويضات المتحققة في هذا الفرع) هو جعل تأمين الحريق الزامياً لأصحاب المحال التجارية والمخازن (المصدر الأكبر لخسائر الحريق) ليتم خلق صندوق رصين قادر على تحمل صرف جميع التعويضات دون تعرّض شركات التأمين الى الخسارة التي قد تتعدى الى أقساط محافظ التأمين الاخرى.
إضافة إلى ذلك، من الممكن تشريع قانون الزامية التأمين لأصحاب السيارات (خارج قانون التأمين الإلزامي من حوادث السيارات لسنة 1980 الذي يقتصر على تأمين المسؤولية عن الإصابات البدنية بما فيها الوفاة) أو البضائع المستوردة (إلزام المستوردين من الشركات الخاصة والعامة بالنص في عقد الاستيراد أن يكون على أساس سي أند إف – الكلفة والشحن فقط – لضمان إجراء التأمين أثناء النقل لدى شركات تأمين عراقية).
إن الأساس الاقتصادي لهذين المثلين للتأمين الإلزامي يقوم على تحقيق صندوق رصين لأقساط التأمين لتمويل تعويض الخسائر المادية.
إن جمعية التأمين العراقية تعمل دائماً على تحفيز وتوجيه شركات التأمين بالسعي لترويج وثائقها التأمينية مع إعداد نماذج وثائق التأمين من شروط واستثناءات وكيفية التسعير لكن هذا العمل لوحده لا يعتبر كافياً كون الجمعية لا تمتلك سلطة قانونية وهي ذات طابع خدمي فقط. إزاء هذا الوضع فلابد من دعم ديوان التأمين للتنسيق مع الجهات ذات الصلاحية للنهوض بهذا القطاع. ونرى لذلك أن يقوم الديوان، بالتنسيق مع الجمعية، إلى المبادرة بدراسة مشروع التأمين الإلزامي على بعض الأخطار، وصياغة اللوائح المناسبة تمهيداً للتشريع.
آلاء سعيد عبد الحميد
شركة الخليج للتأمين/المدير المفوض
Comments are closed.